عبد الرحمن الابنودي من قصيدة الحارة الفلسطنية بعد انتفاضة 1987
احمد المليجي
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا ..... (12)يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُور (13)سبأ
يسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون (187) الاعراف
فكما رأينا علي سبيل المثال ان الناس الكثير منهم علي جهالة و لا يعلمون و القليل منهم يشكرون و الكثير لا يفعل .
فالاصل ان الانسان ظلوم و لكن قله لا تفعل و الاصل انه كفور و لكن قله لا تفعل و الاصل انه ضعيف و جهول و هلوع و عجول و لكن قلة لا تفعل
و لنسرح قليلا بين بعض من سطور الآيات القرآنية التي تصيب كبد الحقيقة ..
وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن
يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء
وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) ابراهيم
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُور (66) الحج
خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَل سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37) الانبياء
وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ
الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولا (11) الاسراء
قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا (100) الاسراء
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) الكهف
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الاحزاب
إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20 (وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) المعارج
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ (4) البلد
اذن فنحن هنا امام الانسان بوصف الله سبحانة و تعالي في القران الكريم و هو الذى يقول الا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير اي ان الصانع هو خير خبير بصنعته .. فالانسان كفور , ظلوم , جهول , هلوع , جزوع , منوع "المنع" , قتور , مجادل "في غير الحق" , عجول و ضعيف .. و لنا ان نلاحظ ان معظم الصفات جاءت علي صيغة المبالغة فهو ليس مجرد جاهل بل جهول ولنا ان نذكر كيف ابتكر الفلاسفة فيما بعد فكرة الجاهل المركب و لكن القران بطيبعة الحال كان الاسبق لانة كان من قبل الخبير الاعلم .. المهم ان هذا هو الانسان و بهذة الصفات .. هل هذا الذى هو روح من الله , هل هذا هو ظل الله علي الارض , هل هذا الذى سجدت له الملائكة " الملائكة التي اول ما تبادر في اذهانهم عن الانسان حين اعلمهم الله بخلقة انه مفسد و سافك دماء- " هل هذا الذى اصبح بسببه ابليس ان يكون رجيم هل حقا استحق بسببنا هذا "اجدني قد تحولت و كأنني ادافع عن الشيطان" .. كل هذا يدفعنا لان نفكر مليا و نسئل هل بمثل صفات هذا الانسان يمكن ان تتحق فكرة الانسان الكامل المتنزه عن النواقص البشرية ؟
في كتابه الانسان الكامل لمحي الدين بن عربي نجده و قد عرض فكرة الانسان الكامل دون ان يوضح لنا اسباب كماله او كيف يمكن اكتسب صفاته فنصل لذلك الكمال انما كان اهم اسبابة فقط ان الله قد خلقة علي صورته و اسجد له الملائكة .. ذلك علي الرغم من ان الانسان الحيوان "كما يطلق علي غير الكامل" يشترك ايضا مع الانسان الكامل في نفس الصفات الا انة يحاول ان يفرق بانة التشابه في الظاهر فقط اما الانسان الكامل فهو عبارة عن "جميع الحقائق التي كانت متبددة في العالم فناداها الله فاجتمعت فكان الانسان"(هكذا بنص الجملة) .. و من جانب اخر يري الكمال من جهة المعرفة بالله فالعارف تمام المعرفة بالله هو "الكامل الاكمل و الاقل رتبه هو الكامل وما عدا هاتين الرتبتين فهو اما مؤمن او صاحب نظر عقلي لا علاقة لهما بالكمال" و بطبيعة الحال فهو يري الاكمل هم الرسل ثم ورثتهم و كان له شرح في مسألة الوارثين هذة .
و علي هذا نجد علي كلام ابن عربي ان الرسل هم الاكمل و بطبيعة الحال فهذا الكمال يقودنا الي فكرة العصمة .. فالعصمة هنا واجبة حتي لا ينحدر الي اي نقيصة بشرية كعوام الآدميين و السؤال المعتاد الذي يتبادر للذهن بخصوص فعلية هذه العصمة و الذي حوله الكثير من الجدل , و لكن من يسوق المواقف امام عقلة يجد ان الانبياء هم صفوة خلق الله و المفضلين علي العالمين و لكن كلا له ما له .. مما يجوز ان نطلق علية اما خطأ او سهو او نسيان او ما نجملة في قولنا "نقيصة انسانية" بمعني اي آفاه مما تصيب البشر العاديين . فبداية من سيدنا آدم و قد اكل من الشجرة و بذلك اقر طبيعة العصيان في باقى بنوة الذين يحمل نطفتهم بداخلة و قد رأينا بعد ذلك من قابيل و هابيل و مفترض انهم حديثي عهد بربهم و علي الرغم من ذلك فعلوا ما فعلوا .. سيدنا نوح لما جاء الطوفان و اراد ان يركب ابنه معة و رفض ناده الله ان ابنه عمل غير صالح "عمل غير صالح اتاه نوح نفسة" , و هذا سيدنا ابراهيم و ما روي عن دخوله مصر و ما ادعاه من ان السيدة ساره اختة و ليست زوجته " هي و ان كانت حكاية توراتية الا انها لم تنكر في الاسلام" – " لن نذكر جزء (بل فعلها كبيرهم) من منطلق باب الدعوة" ثم سيدنا يونس و ما كان من امره مع الحوت اذ خرج من قومه دون امر من الله فكان عقابه الحوت و سيدنا يوسف الذى انساه الشيطان ذكر ربه فتوكل علي زميلة ان يذكره لدي الملك فكان ان لبس في السجن بضع سنين اخري لان الله كان يرسم له طريق اخر للخروج " كل التفسيرات تقول بان قول انساه الشيطان ذكر ربه عائد علي الرجل الذي خرج من السجن و ليس سيدنا يوسف الا انني اخالف الرأي تماما في هذا الصدد بالذات" , و اما سيدنا موسى فحدث ولا حرج فقد قتل نفس من قوم فرعون و حاول في اليوم التالي ان يبطش باخر و لما رجع من لقاء ربه كان من غضبة ان القي الالواح التي بها كلام الله و اخذ برأس اخيه "الذي هو ايضا النبي هارون عليهما السلام"
ثم سيد الخلق سيدنا محمد علية الصلاة و السلام نسى في اكثر من موضع فمرة لما جاء يخبر عن ليلة القدر وذات مرة سئله قوم مسألة فرد عليهم ان يجيب غدا و نسى المسألة فجاء القران " وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍإِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا" و ايضا عاتبة ربه في موضع اخر في موقف ابن ام مكتوم الرجل الاعمي و فضل علية رسول الله سادت قريش فنزل القران " عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَاءهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنتَعَنْهُ تَلَهَّى (10) "
هذة كانت مجرد امثلة و ليست علي سبيل الحصر انما فقط لعرض و تاكيد ان كل هذا الحديث يقودنا الي حقيقة واحدة هي ان فكرة الكمال المنزه عن اي نقيصة .. لا تنبغي ابدا للبشر و ليس كما يتصورها الشيخ الاكبر بن عربي ان الانسان الكامل هو ظل الله في الارض فمن الاصل لم يتحقق له الكمال ابدا فهذا الكمال المنزه عن اي نقيصة لا ينبغي الا لله وحده سبحانه و تعالي
هل يحدث لك احيانا ان تتزاحم الافكار و تتخبط في رأسك دون كلل او توقف .. هل تظل هذة الافكار تطرح اسئلة تعجز عن ايجاد رد مناسب لها يرضى عقلك .. بسبب هذا فكرت ذات مرة فى التفكير ذاته ما الذى يدفع العقل ملحا علي التفكير في اشياء ما ,, ما هو سبب التفكير في الاصل ... لم اجد تفسير مناسب سوى انة الشعور الدائم بالمسئولية تجاه شيء ما .. فالحياة ليست مأكل و مشرب و نوم و لو كانت هكذا لكانت درب من دروب البوهيمية مجرد عيشة حيوانية , ولو كانت هكذا الحياة لصارعنا البهائم مراعيها و لأصبح المحرك الاساسى للانسان و دوافعة كلها نابعة من مجرد مشاعر فطرية جوع و عطش واشياء اخري .. الا انه ليس هذا المبتغي .. اذ يجب ان يكون هناك دائما غاية تشغل فكر الانسان فبطبيعة الحال هو ليس مجرد زائر او عابر سبيل علي هذة الدنيا بل جاء لهدف ما او ليكون جزء من هدف معين "كما هو مخطط له مسبقا من قبل المقدرات السماوية" .. فالاصل ان الانسان دائما يجب ان يكون لديه الشعور بالمسئولية بل و تحمل مغبة هذة المسئولية .. سواء ما كانت طبيعة هذة المسئولية تجاه هدف ما في الحياة او قضية ما او عمل ما او حتى اسرة يسعى عليها فهي ايضا مسئولية .. الا ان التفاوت في درجة المسئولية و الشعور بها هو الذى يؤثر في مدي استحواذ هذا الامر علي العقل في التفكير و التدبير حتي انه ليصل الامر بك في مرحلة او بالبعض لان يتمني ان يتوقف عقلة و لو قليلا فقط ثواني معدودات لالتقاط الانفاس , انة يصل لمرحلة من الانشغال و الاهتمام و التفكير ان يصاحبه كل هذا حتي في منامه , لا يدرك ايقظ هو ام نائم هل يري هذة الافكار تتجسد امامه ام هي مجرد اوهام و هلاوس بصرية صورها له عقله الباطن من شدة ما تستحوذ عليه هذة الافكار .. هناك حكمة تقول " فكر في النهاية اكثر من البداية" ان قائل هذة الحكمة ما كان ليقول بها الا اذا كان يدرك معني كلمة مسئولية فهي وحدها التي تدفع للتفكير في الامور ثم تحمل عواقب هذة الامور في نهاية الامر
احمد المليجي